مصر وقافلة الصمود.. السيادة فوق العاطفة، والأمن لا يُساوَم عليه
بينما تتجه أنظار الشعوب نحو غزة، يأتي القرار المصري بمنع عبور "قافلة الصمود" من معبر رفح ليشعل الجدل بين من يفكر بالعاطفة، ومن يقرأ المشهد بعين الدولة ومسؤولية الوطن.
ليست كل قافلة دعم.. وليست كل نوايا بريئة
نُقدّر مشاعر الشعوب المغاربية، ونفخر بحماس الأشقاء من تونس والجزائر وليبيا، لكننا نؤمن أن دعم غزة لا يكون بكسر سيادة الدول، ولا بفرض الواقع بالقوة الرمزية. فمصر، التي دفعت الدم والرجال في سبيل فلسطين، لا تحتاج لمن يشكك في نواياها أو يُملي عليها ما يجب أن تفعله من فوق الأرض أو عبر الحدود.
معبر رفح ليس نفقًا عاطفيًا.. بل بوابة أمن قومي
الحدود المصرية مع قطاع غزة ليست مجرد "طريق عبور"، بل خط تماس حرج بين التوازنات السياسية والأمنية. أي تحرك جماهيري غير منسق – حتى لو كان سلميًا – قد يُستغل لاختراق الحدود أو تهريب مواد أو تسلل عناصر مندسّة.
من المسؤول إذا حدث ذلك؟ من الذي سيتحمّل تبعات انفجار أمني جديد في سيناء؟
مصر تعرف متى وأين وكيف تدعم غزة
مصر لا تزايد ولا تتاجر بالقضية، بل كانت ولا تزال الوسيط الأول لوقف إطلاق النار، والحلقة الإنسانية الأكبر في إدخال المساعدات، والطرف العربي الوحيد الذي يحمل أوجاع غزة إلى المحافل الدولية.
فمن يُنكر هذا الدور، فإما جاهل بالحقائق أو أسير للشعارات.
قافلة بلا تنسيق = عبء سياسي وأمني
من الذي سمح بانطلاق قافلة دون تنسيق رسمي؟ من يضمن تركيبتها وهويّة من فيها؟ ومن سيتحمّل العواقب لو تورط فرد واحد في خرق أمني؟
السيادة لا تُساوَم، والمشاعر لا تُسيّر دولة بحجم مصر، تدير أعقد ملفات المنطقة بحكمة وضبط.
التضامن الحقيقي يبدأ بالاحترام
إن كان الأشقاء العرب يحبّون غزة حقًا، فليكن دعمهم منسقًا، قانونيًا، محترمًا لحدود الدول وسيادتها.
فالدولة المصرية لا ترفض الدعم، لكنها ترفض العشوائية والضغوط الرمزية التي تُربك المشهد وتخدم عدوًا لا يرحم.
الخاتمة: مصر أولًا.. وغزة دومًا، ولكن بعقل الدولة لا باندفاع الشارع
مصر لا تحتاج دروسًا في العروبة، ولا شعارات في الوطنية. من قلب القاهرة تخرج أكبر قوافل الدعم، ولكن بيد الدولة، لا بقرارات فردية.
والتاريخ سيشهد – كما شهد دائمًا – أن مصر لا تبيع، بل تحمي. لا تفرّط، بل توازن. لا تُبتز، بل تقود.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Author: Mohamed issa
Original Language: Arabic
Disclaimer: This article reflects the views and opinions of the author.
Copyright © Mohamed issa 2025. All rights reserved.
تعليقات
إرسال تعليق